تستمر معاناة الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، وتتضاعف تلك المعاناة مع الأسرى الذين عانوا وما زالوا يعانون من أمراض سواء ممن أصيبوا بها داخل السجون بسبب الإهمال أو ضعف الرعاية الصحية، وعدم التعامل مع أمراضهم بجدية من قبل سلطات الاحتلال.
تلك المعاناة توجت مؤخرا باستشهاد الأسير فارس بارود من قطاع غزة، المعتقل منذ عام 1991، وحكم حينها عليه بالسجن المؤبد و(35 عاما)، وعزل لسنوات طويلة جدا، تعرض خلالها للإصابة بفايروس في الكبد أدى إلى استشهاده.
ويتعرض الأسرى للإهمال الطبي، وعدم توفير الأدوية والعلاج اللازم للمرضى منهم، بل الاكتفاء بالمسكنات وغالباً يحصلن فقط على مسكن الأوجاع الأكامول بديلا عن الأدوية والعلاجات الحقيقية.
أشبه ببطن مقبرة
ويستذكر الأسير المحرر محمد كريم معاناته داخل السجون الإسرائيلية التي مر بها، ومعاناة زميله الأسير الشهيد فضل شاهين الذي استشهد نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل سلطات الاحتلال في مثل هذه الأيام من هذا الشهر.
ويقول كريم بكلمات حزينة وموجعة في حديث لـ"الرأي": في عام 2006، تم إدخالي لمستشفى الرملة، ورأيت حينها العديد من الأسرى المرضى من بينهم الأسير شاهين"، واصفا المكان أشبه ببطن مقبرة نصف أحياء أو أقل من ذلك.
ويعود بذاكرته إلى مشهد عميد الأسرى المرضى منصور موقدة، المحكوم حوالي 200سنة ولازال منصور موقدة مصاب بعدة رصاصات ومشلول لا يتحرك فيه إلا يده ووجهه.
وخلال فترة مرض الأسير المحرر كريم، كان مقيدا بخمسة قيود في القدمين واليدين، سواء خلال ترحيله في سيارة الإسعاف أو على سرير المشفى، فقد كانت القيود لا تفارقه، إلا أن رحلة العذاب كانت تبدأ من خلال التنقل بعربة البوسطة من الساعة السابعة صباحا حتى الساعة الحادية عشر ليلا، وهو ما كان يضاعف أوجاع الأسرى ويزيد من معاناتهم.
وتنتشر الأمراض في صفوف الكثير من الأسرى، كالالتهابات والأزمات الصدرية والأمراض الجلدية وأمراض العيون وقرحة المعدة والبواسير، وانتفاخ البطن والأمراض المرتبطة بفصل الشتاء، وأيضا الأمراض المزمنة والناتجة عن الإصابة بالرصاص قبل الاعتقال، أو التعذيب بعد الاعتقال وبقائها دون علاج ودون رعاية صحية.
كما يشتكي الأسرى من النقص في كميات الأدوية المقدمة لهم وسوء نوعيته والمماطلة في العلاج أو النقل إلى المستشفيات في الحالات الطارئة، فيما تُلزم أهالي الأسرى المرضى في كثير من الحالات بدفع مستلزمات العلاج.
عقوبات جماعية
وفي تقريرها السنوي لعام 2018، كشفت وزارة الأسرى والمحررين بغزة عن حجم الانتهاكات التي تعرض لها الأسرى في العام الماضي، حيث وصفته بأنه الأسوأ على الحركة الأسيرة منذ سنوات، وأنه عام العقوبات الجماعية على الأسرى، نتيجة تعرضهم لسلسلة من الاجراءات التعسفية والانقضاض على حقوقهم الانسانية والمعيشية.
وقالت الوزارة في تقريرها:" إن قوات الاحتلال اعتقلت خلال هذا العام ما يقارب من 3533 أسير من مختلف محافظات الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، من ضمنهم 140 أسيرة، وما يقارب الــ 1000 طفل ممن تقل أعمارهم عن 18 عاماً، بالإضافة الى اعتقال 8 من نواب المجلس التشريعي، وصدور أكثر من 1700 قرار إداري ما بين قرار جديد وتمديد الاعتقال الإداري".
ومن أبرز القضايا التي عانى منها الأسرى خلال عام 2018، يقول مدير الاعلام في وزارة الأسرى، اسلام عبدو:" إن الاحتلال واصل سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى، ما أدى الى ازدياد عدد الأسرى المرضى بسبب اعتقال الجرحى والمصابين، وهو ما رفع عدد المرضى بشكل عام الى أكثر من 1800 حالة مرضية منهم ما يقارب 95 حالة مصابة بالإعاقة والشلل، و25 حالة مصابة بالسرطان والأورام، و23 أسيراً يقيم بشكل دائم فيما يعرف بعيادة سجن الرملة".
ومن أشهر الحالات المرضية خلال العام 2018، حالة الأسيرة اسراء جعابيص، وهي أسيرة فلسطينية اعتقلت بعد حريق شب في سيارتها وأصيبت على إثره بحروق من الدرجة الأولى والثانية والثالثة في 50% من جسدها، وفقدت 8 من أصابع يديها، وأصابتها تشوهات في منطقة الوجه والظهر.
7 شهداء
ويؤكد عبدو في حديث لـ"الرأي"، أنه في عام 2018 استشهد 7 أسرى في ظروف مختلفة، إضافة إلى مناقشة وإقرار الاحتلال العديد من القوانين التي تستهدف الأسرى منها قانون إعدام الأسرى، وقانون خصم الأموال التي تدفعها السلطة للأسرى من أموال الضرائب (المقاصة)، وقانون منع زيارات أسرى ينتمون لتنظيمات تحتجز إسرائيليين، وقانون عدم تمويل علاج الأسرى، وقانون إبعاد عائلات منفذي العمليات، وقانون يسمح باحتجاز جثامين الشهداء.
ويتواجد حاليا في سجون الاحتلال 6500 اسير فلسطيني يتوزعون على 22 سجن ومعسكر ومركز توقيف، ومن بين الأسرى 350 طفل و62 أسيرة بينهن (21) أمًا، و(8) قاصرات و500 معتقل إداري و6 نواب و23صحافيا، يتعرضون لعقوبات فردية وجماعية وحرمان من أبسط حقوقهم الأساسية.