غزة- الرأي - نداء أبو كويك
تبدلت فلسفة العقاب داخل السجون بوسائل أخرى أنجح وأنجع، لينطبق على السجن بأنه المربي الأفضل لأصحاب السلوكياتغير السليمة في حياتهم العملية، وليعد المواطن لفطرته الطيبة التي خلق عليها لإفادته ومجتمعه وعائلته بتعليمه حرف مهنية يتقن من خلالها تسيير حياته وجلب لقمة عيشه بطريقة شرعية .
مراكز إصلاح السجون ركزت على تأهيل المسجون وإعادة صياغة حياته المواطن داخل السجن, وألقت "الرأي" الضوء على تلك المشاريع الناجحة التي مارسها المواطنون داخل السجون بناجح استمر ما بعد مرحلة جدران السجن .
في إطار ذلك خطت عدد من الجهات الحكومية وعدد آخر من الجمعيات الخيرية خطوات جادة للأمام بابتكار استراتيجيات جديدة لجعل نزلاء السجون منتجين في مجتمعهم بدلًا من أن يكونوا عالة علي أسرهم ومجتمعهم, فقد افتتحت وزارة الداخلية والأمن الوطني مؤخرًا مخبزا أليًا تشرف عليه نزيلات سجن أنصار المركزي وبدعم من مؤسسة قطر الخيرية بتنفيذ من جمعية الرعاية اللاحقة "ادماج" .
سعادة في ممارسته
مشروع "المخبز الآلي" لاقى رضا وسعادة كبيرة من قبل النزيلات داخل السجن لاسيما بأنهم يسعون لقضاء وقت الفراغ بشيء مفيد وعائد مادي بعد أن كنّ يقضين أوقات فراغهن بلا فائدة أما بعد إنشاء المخبز فقد أصبحن يمتلكن مهنة تساعدهن في كسب لقمة العيش بعد الخروج من السجن وانتهاء فترة حكمهن.
النزيلة (و.ق) من أصحاب الأحكام العالية وتعمل في المخبز الآلي، حيث قالت"أنها تفضل العمل على الجلوس دون عمل داخل السجن, لقضاء وقت الفراغ والحصول على دخل يساعدها في حياتها داخل السجن".
فيما أعربت (غ.ص) عن سعادتها بالعمل داخل المخبز وقضائها وقت كبير في العمل مما أخرجها من التفكير في الأمور التي تحزنها وان لديها أمل كبير في ادخار جزء من الدخل لاستئناف حياتها بنفس المشروع بعد انتهاء مدة العقوبة.
تقول (م.ع) لقد تعلمت صناعة جميع أنواع المعجنات فقد زادت خبرتها مقارنة بحالتها قبل التدريب في المخبز, وأنها لم تكن تمتلك القدرة والكفاءة علي صنع المعجنات مثل الآن وتحصل علي تدريبات متتالية من قبل مدربة تشرف علي تدريبها, كما وتسعي جاهدة لزيادة إبداعها وجودة صناعتها للمعجنات.
بينما (س.أ) تمنت أن تزيد حجم الطلبات علي المنتجات التي يتم إنتاجها داخل المخبز من معجنات وحلويات حتى تزيد حجم العائد المادي.
حاجة إلى العمل
وقالت مديرة مركز إصلاح وتأهيل النساء أمل نوفل "إن فكرة المخبز جاءت بعد دراسات تم عملها, تبين من خلالها أن النزيلات بحاجة ماسة لبعض المشاريع والبرامج, حتى يتم استغلال وقت فراغ النزيلة وتعليمها مهنة تستطيع العيش من ورائها.
وكشفت نوفل عن الهدف من المشروع تأهيل النزيلات لمواجهة الحياة بعد انتهاء فترة العقوبة هذا بالإضافة لحصولها علي دخل شهري يسمع لها بالادخار أو الإنفاق علي نفسها وأسرتها, موضحة انه تم اختيار 15 نزيلة من ذوات الأحكام العالية وصغار السن والذين يمتلكن الموهبة وتهوي عمل المعجنات للعمل داخل المخبز.
تسويق المنتج
وحول منتجات المخبز فقد أكدت نوفل أنهم بصدد إعداد خطة تسويقية لما ينتجه المخبز من معجنات و"بيتيفور", بغرض تسويقه داخل و خارج المركز وتحقيق عائد مادي كراتب للنزيلة العاملة في المخبز.
وذكرت نوفل أنه يوجد مشروعات عملاقة في طريقها للتنفيذ, للمساهمة في مساعدة النزيلات وحل بعض مشاكل المجتمع, كما واستبعدت فكرة عودة النزيلات للجرائم مرة أخري لأن الدافع الأساسي كان لديهم هو عوامل اقتصادية والفقر وعدم وجود المعيل ومن خلال المشروع فقد وفر للنزيلة دخل تستطيع العيش من خلاله.
العودة الآمنة
بدوره، يرى ممثل وزارة الداخلية اللواء ماهر الرملي بأن هذا المشروع يسهم في العودة الآمنة لنزيلات السجن، مشيرًا إلى أن وزارته بحاجة الى مثل هذه المشاريع التنموية الهادفة.
وبين أن وزارته لديها مشاريع عديدة, لكن قلة الإمكانيات هي من تحول دون تطبيقها علي أرض الواقع, شاكرًا كل من بذل وقدم من أجل إنجاح هذا المشروع.
أما رئيس جمعية قطر الخيرية محمد أبو محلوب فقد أكد أن مؤسسته لن تتوانى عن تقديم المساعدة للفئات المهمشة وغير الفاعلة في المجتمع, لافتًا إلى أن المشروع جاء لدعم النزيلات في سجن أنصار المركزي، مقدرا تكلفة المشروع ب 30 ألف دولار.
يذكر أن هذه المشاريع الصغيرة هو الخيار الأمثل في ظل شح الوظائف المتاحة والمناسبة للمرأة, خاصة أنها مشاريع لا تحتاج إلى رأس مال كبير للبدء, كما أن العمل الذي ينطلق عادة من المطبخ صغير قد يتحول إلى عمل تجاري كبير تحت مظلة ماركة قوية.