على مدار أكثر من سبعين عاماً يتركز الصراع حول نزع الهوية الفلسطينية وتغيير التاريخ بالقوة العسكرية من قبل آلة المحتل الصهيوني، وهذا الصراع الذي يحاول الاحتلال فرضه بالقوة يبرز خلال الأيام الحالية في فرض التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى المبارك، والذي يمثل الهوية التاريخية والإسلامية للشعب الفلسطيني والأمة العربي جمعاء.
ولم يسلم الشعب الفلسطيني لهذا الصراع سوى أنه ازداد إصراراً على انتزاع حريته وإثبات حقه في الأرض والمحافظة على مقدساته المحتلة والتي يعود عمرها لما يزيد عن 6000 آلاف عام.
منظمة اليونسكو الدولية أقرّت التراث العالمي الفلسطيني وعلى رأسه مدينة القدس المحتلة وأسوارها وأسواقها العتيقة ومدرجاتها ضمن المخصصات التاريخية للشعب الفلسطيني وأعلنت الثامن عشر من شهر نيسان يوماً عالمياً للتراث الفلسطيني لما له من عراقه دولية أصيلة.
يمارس الاحتلال مشروع التهويد لتغيير ملامح المدن الفلسطينية والقرى المجاورة لمدينة القدس المحتلة في سبيل محو معالمها وسرقتها والزعم بأنهم أصحابها، يقابل الفلسطيني مشاريع التهويد والاستيطان بالبقاء حتى لو سقط الواحد منهم شهيداً أو أسيراً أو جريحاً، ووصل الأمر لهدم بيوتهم بأيدهم والاستقرار في خيام من قماش على أنقاضها بأمر من الاحتلال.
يزخر التراث الفلسطيني بشواهده العمرانية ومواقعه الأثرية في كافة البلدات القديمة في فلسطين التاريخية والتي أبرزها البلدة القديمة بالقدس وخليل الرحمن ونابلس والمعالم الأثرية بقصر هشام بأريحا، والمدرج الروماني بسبسطية، وميناء الأنثدون ودير القديس هيلاريون بغزة.
عدا عن التراث المكتوب كالروايات والحكايات المتوارثة عن الأجداد، وفن الخط العربي الأصيل وفن التطريز والنقش والحفر، ما منح القضية الفلسطينية شخصيتها ووثق الحق الفلسطيني بالوجود بثبات وقوة لا يستطيع الاحتلال كسرها ولا حتى انتزاعها على مدار التاريخ.
ضرورة كشف الجرائم
وزارة السياحة والآثار في اليوم العالمي للتراث أكدت على أن التراث الفلسطيني من أهم أدوات مقاومة الاحتلال وهو المؤكد الحقيقي الفلسطيني ودحض الرواية الصهيونية، معتبرة أن التراث الفلسطيني حق متوارث للأجيال الفلسطينية المتعاقبة، ولا يجوز التنازل عنه أو التفريط فيه لأي سبب كان وبأي شكل من الأشكال.
الكشف عن ممارسات الاحتلال ومخططاته الرامية إلى سرقة التراث الوطني الفلسطيني وطمس معالم الهوية الثقافية الفلسطينية تعتبرها وزارة السياحة والآثار ضرورة وطنية للحفاظ على ما تبقى من الهوية الفلسطينية المسروقة.
ودعت السياحة والآثار كافة المبدعين الفلسطينيين إلى توجيه أعمالهم الابداعية لخدمة الأهداف والقضايا الوطنية وتعزيز ثقافة التراث لدى أبناء الشعب الفلسطيني، وفضح جرائم الاحتلال بحق المقدسات والأماكن التاريخية.
وطالبت كذلك منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" بضرورة التدخل العاجل لوقف اعتداءات الاحتلال على الموروث الثقافي الفلسطيني خاصة في مدينة القدس المحتلة، والتأكيد على أن التراث الفلسطيني هو ملك للفلسطينيين.
صاحب الحق قوي مهما جرت عليه الظروف، وهذا ما أثبته الفلسطيني في وجه دولة مدججة بالسلاح والعتاد والقوة، لم يخضع ولم يعلن استسلامه مهما كان حجم الثمن باهظاً، والأحداث الأخيرة في القدس ومدن الضفة المحتلة ومناطق الداخل المحتل خير دليل على ذلك.