لم تمر دقائق معدودة على نزولهما للسباحة في البحر، حتى خرج الطفل محمد تتبعه شقيقته ابنة الثمانية أعوام، فيما بدت علامات الحزن على وجنتيهما وهما يمسكان بذراعيهما التي لسعتها القناديل وشعرا معها بحرقة، جعلتهما يغادران الشاطئ دون رجعة.
ويعد البحر المتنفس الوحيد لأهالي قطاع غزة المحاصر منذ ستة عشر عاماً على التوالي، إلا أن انتشار القناديل صيفاً وبكثرة على طول السواحل، يعكر صفو المصطافين ويحرمهم فرصة التمتع بالسباحة والترويح عن النفس في تلك الأجواء الحارة.
لسعات قوية
ويقول محمد لـ"الرأي":" كلما فكرت في النزول للسباحة شعرت بشيء يلسعني في أماكن مختلفة من جسمي، فأضطر معه إلى مغادرة الشاطئ مع الشعور بألم قوي جراء اللسعة التي تترك احمراراً على الجسم وندبة تستمر لأيام"، موضحاً أن البحر ملاذ عائلته الوحيد للهرب من لهيب الصيف في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة عن منازل المواطنين".
ولا يتوقف أذى القناديل المنتشرة داخل البحر إلى هذا الحد، حيث تتسلط على شباك الصيادين وتعرقل عملهم في البحث عن قوت يومهم، وتسرق وقتاً طويلاً منهم، مما يحد من فرصة حصولهم على أسماك وفيرة.
وعن ذلك يقول الصياد إبراهيم بكر لـ"الرأي":" إن القناديل البحرية تدخل في شباك الصيادين، وبدلاً من أن يسحبوا الأسماك، يقومون بسحب كميات كبيرة من القناديل التي تسبب ثقلاً في الشباك، وبالتالي لا يتمكنون من سحبها من شدة الثقل"، موضحاً أن وجودها يعرقل عملهم داخل البحر بشكل كبير.
وللوهلة الأولى وعندما تطأ قدمك شاطئ البحر، تتفاجأ بوجود أعداد كبيرة من القناديل التي قذفتها الأمواج، الأمر الذي يسبب إزعاجاً وقلقاً للمصطافين، والخوف من ممارسة السباحة بأمان.
عرقلة عمل الصيادين
مسؤول لجان الصيادين زكريا بكر، يؤكد أن القناديل تؤثر على عمل الصيادين داخل البحر، الأمر الذي يسبب ضعف في الصيد، بالرغم من أن الفترة التي تتكاثر فيها الأسماك من منتصف شهر يناير حتى شهر سبتمبر.
ووفق ما ذكره بكر لـ"الرأي"، فإن انتشار القناديل بكثرة يؤثر على شباك الصيادين، والتي تتسبب في إغلاق عيون الشباك المنصوبة لصيد السمك بالبحر، وبالتالي فإن القناديل العائمة أو القاعية تصطدم بتلك الشباك وتقوم بإغلاق عيونها، وبدلاً من صيد السمك يقومون بصيد القناديل، وهي بذلك تفرض عليهم مجهود كبير ومضاعف.
ويستطرد بالقول:" في موسم القناديل يضطر الصيادين في كل ساعة لسحب الشبكة على القارب لأن الكيس المخصص لجذب السمك يمتلأ بالقناديل، وبذلك تثقل حركة المركب، حتى في مراحل التحويط تأخذ جهد كبير وكميات السمك تكون قليلة".
ويعتبر هذا العام هو الأسوأ في حياة الصيادين، والحديث لبكر، حيث تتواجد القناديل البحرية بشكل كبير، في وقت توجد كميات قليلة جداً من الأسماك، ويكاد صيد السمك داخل البحر معدوم.
إرشادات هامة
وتعد قناديل البحر من الكائنات الحية الهلامية بدائية التكوين لعدم وجود دماغ أو قلب بها، ولكنها تعتبر من الكائنات الحية المؤذية لاحتوائها على سم سريع الانتشار، خاصة في منطقة الاذرع التي تحتوي على ماصات تستخدمها للهجوم على فرائسها.
ويوجد في قطاع غزة نوعين من القناديل المشهورة وهي، القنديل الأبيض الخيطي والقنديل الأزرق، ويعتبر انتشار القناديل في فصل الصيف من الامور المتعارف عليها إذ أن القناديل تتغذى على بيض الاسماك واليرقات والعوالق الحيوانية.
وتوصي الادارة العامة للثروة السمكية بغزة، المصطافين والصيادين بالإرشادات التالية في حال الإصابة، والتي تتمثل في تجنب حك أو هرش المنطقة المصابة، وغسل المنطقة المصابة بماء البحر ثم بماء الحنفية لعدة دقائق دون فرك منطقة الاصابة.
كما أوصت بالابتعاد عن ملامسة القناديل، وعدم السباحة في المنطقة المتواجدة فيها، بالإضافة إلى إرشاد الأطفال خاصة بمخاطر القناديل، وعدم التقرب منها أو لمسها.