أخبار » تقارير

حصدت 8 شهداء بينهم 5 أطفال

ليلة سوداء على رفح .. بـ 8 ساعات تحبس الأنفاس

07 آذار / أغسطس 2022 01:43

%D9%85%D8%AC%D8%B1%D8%B2%D8%A9-%D8%B1%D9%81%D8%AD
%D9%85%D8%AC%D8%B1%D8%B2%D8%A9-%D8%B1%D9%81%D8%AD

غزة-الرأي-آلاء النمر

قطع من الظلام المخيف يسقف سماءً بأكملها، تحوم بين طبقاته المظلمة طائرات حربية "إسرائيلية" لا تنوي سوى الإيلام وإيقاع المزيد من الصواريخ المحملة بحمم نيران الموت وفق الأهداف المرصودة، فوق بيوت الآمنين من المواطنين العزل وتسمي ضرباتها الخائبة بـ"الإنجازات".

كل عائلة تقطن في قطاع غزة تحسب أنها في مأمن حتى يباغتها صاروخ متفجر يتلوه آخر على حين غفلة، يخمد صوت ضجيج الأطفال بنيرانه الجهنمية، ويحوّل طوابق عمارة سكنية إلى حفرة ضخمة من الركام المختلط بالدماء، بين أحياء وأشلاء.

هذه المرة كان الصيد ثميناً بمدينة رفح، حيث مر عليها الليل الأطول على الإطلاق والأكثر سواداً وظلمة، وتركز بنك الأهداف الدسم على اغتيال عائلة بأكملها، فقتل ثمانية مواطنين من بينهم خمسة أطفال جملة واحدة، وإصابة البقية من الأطفال بجروح متوسطة وأخرى غائرة.

"مخيم الشعوت" المنطقة الأكثر اكتظاظاً وتكدساً لعدد السكان الفلسطينيين برفح، تحول في لحظة واحدة إلى أكوام من الحجارة الملطخة بدماء الأطفال والنساء، وافتتح ليلته الطويلة بالبحث عن المفقودين وانتشال أشلاء الشهداء.

عم صراخ الأطفال الناجين أرجاء الحي المدمر، توزعوا داخل أركان مستشفى أبو يوسف النجار، وكأن الحي بأكمله وقع في شباك هدف حمم الصواريخ، كل الأطفال على نفس واحد من الصراخ والبحث عن ذويهم في ليلتهم المفجعة، حالة من الذهول توحدت على وجوه الأطفال الهاربين من هول الحدث إلى مأمن جدران المستشفى.

قدم بيته فداءً

ليلة طويلة مرّت على مخيم "الشعوت" في محاولة لإنقاذ من بقي على قيد الحياة بعد استهداف منزل عائلة "المدلل" المكون من ثلاث طوابق غرب مدينة رفح، انتهت عمليات الإنقاذ الممتدة لساعات طويلة عصيبة على أعتاب الفجر بإعلان حصيلة الشهداء بالتي وصلت لأكثر من 32 شهيداً، وتسجيل مئات الجرحى من النساء والرجال والشباب.

ملاصقة البيوت لبعضها البعض كان واحداً من عقبات عملية الإنقاذ أمام طواقم الدفاع المدني للبيت المستهدف، ما كان من المواطن "أشرف القيسي" إلا أن قدم بيته المتواضع فداءً لإنقاذ أرواح جيرانه على عجل.

الأربعيني أشرق القيسي هو بائع بسيط على عربة متنقلة يبتاع بواسطتها "الكعك والعوجا"، لم يتردد لحظة واحدة أمام قرار إزالة بيته بآليات التجريف للوصول إلى بيت جيرانه المدمر، رغماً عن ظروفه المعيشية الصعبة إلا أنه ضرب مثالاً في التضحية لأجل أبناء شعبه.

فلم يكن منزل بائع الكعك أشرف القيسي بأغلى على قلبه من جيرانه الشهداء في رفح، الذين عجزت طواقم الدفاع المدني عن انتشالهم بسبب التصاق المنزل الذي هدم فوق رؤوسهم ببيته، فآثر هدم منزله، للتمكن من انتشال الشهداء.

"القيسي" لم يتفرد وحده بالتضحية في بيته لأجل الوصول لجثامين الشهداء، فكان الجار الآخر "وسام جودة" يجلس برفقة أطفاله يشاهدون رسوم الكرتون في محاولة لإلهائهم عن مجريات الأحداث البشعة في الخارج وعزل الأصوات المخيفة عن آذانهم الصغيرة، إلا أن الأمان لم يكتمل لساعات طويلة.

الضربات الصاروخية أخرجت الأب وسام وأطفاله من البيت على عجل، في محاولة جادة للنجاة من الموت المحقق، وما أن عاد حتى شاهد استصعاب طواقم الدفاع المدني من الوصول للبيت المستهدف، فكان واحداً ممن لم يترددوا في تقديم بيته فداءً لجيرانه الشهداء.

ثماني ساعات من العمل المتواصل دون توقف لطواقم الدفاع المدني بذلت في سبيل إنهاء البحث عن المفقودين، وإكمال المهمة بكشف هويات الشهداء وتسليم من تبقى على قيد الحياة لطواقم الإسعاف، هذه المهام الصعبة تمرّس عليها الدفاع المدني على مدار خمسة حروب ومئات عمليات الهجوم من قبل قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

71 مهمة نفذتها طواقم الدفاع المدني منذ بدء العدوان عصر الجمعة الماضي، شملت مهام إطفاء وإنقاذ وإسعاف، وتركزت معظم الأحداث في محافظات غزة، وشمال غزة، ورفح، كان أصعبها في حي الشعوت برفح مساء أمس، الذي شهد جريمة إسرائيلية بشعة، دون اعتبار لوجود أبرياء من الأطفال والنساء والمسنين.

متعلقات
انشر عبر
إستطلاع للرأي
جاري التصويت ...
ما رأيك في الإجراءات التي تتخذها الجهات الحكومية في غزة في مواجهة جائحة كورونا؟