للعام الثاني على التوالي قطاع غزة يتجرع ويلات العدوان الإسرائيلي من قصف وقتل وتدمير دون رحمة، فما أن نهضت غزة لتنفض أثار دمار عدوان العام الماضي 2021، وتلملم جراحها، حتى عاود الاحتلال يكرر مشاهد الموت وقصص الشهداء وصراخ الأطفال، وفرق وطواقم الإنقاذ وهي تنتشل أشلاء وتبحث عن أحياء تحت أنقاض المنازل السكنية.
قصص حرب تكتب هنا وهناك.. تؤرخ ما يرتكبه الاحتلال من جرائمه ليراها العالم اجمع، مواقع التواصل الاجتماعي عمّت بالأحداث الدامية تروي جراح المواطنين والثكلى منهم، في كل بيت قصة، وفي كل بيت ألم يعتصر مرارة حياة اهل قطاع غزة تحت عدوان غاشم.
اليوم الأول للعدوان، قتلت صواريخ الاحتلال الإسرائيلي الطفلة الشهيدة آلاء عبد الله قدوم (5أعوام) بينما كانت تلعب أمام منزلها في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة.
قصة الروضة
كتب على صفحته المواطن علي أبو ياسين تحت عنوان "قصة الروضة".. ذهبت فرحة أسرتها حينما خرجوا جميعآ لمحال ملابس الاطفال ليجهزوا آلاء بملابس الروضة وكأنهم يختصرون الزمن ليجهزوا لها الملابس ليزفوها الي عريسها .
كانت تسير معهم وكأنها تطير عن وجه الارض من الفرح للأول مرة تشعر انها كبرت أنها مهمة نعم فجدي وابي وأمي أتوا معي ليشتروا ملابس الروضة، حينما البسوها فستان يشبه فستان عروس قصير ثم وضعوا على رأسها الشبرات فأصبحت مثل الفراشة فحضنتها أمها وأخذت تقبلها وتحتضنها بكل سعادة وفرح الموجود بالدنيا وبعد ذلك توالت القبلات والاحضان من الاب والجد ختموا سوقهم بشنطة صغيرة مرسوم عليها فراشة ملونة بالوان خدودها ووجنتها .
عادوا الي المنزل وطوال الطريق يتخيلون كيف ستمضي اول يوم بالروضة لوحدها بعيدة عن أمها، وكيف ستستعد امها بتوصيلها الي باب الروضة حتي انها فكرت ان تمضي اول يوم معها بالروضة .
اليوم الجمعة ٥/٨/٢٠٢٢ نزلت آلاء قبل المغرب على الشارع لكي تستعرض امام صديقتها ملابس الروضة الجديدة كانت بقمة الفرح قفزاتها واسعة وكأنها تريد ان تلامس النجوم بيديها سمعت صوت عالي رج المنطقة بأكملها رفعت رأسها للسماء ولكن الشظية كانت قد مزقت فستانها الجميل واغمضت عينيها وذهبت بعيداً على اجنحة الملائكة، لتلبس ملابس بيضاء تكفن بها وترقد في هدوء تنتظر عصافير الجنة لتلعب معهم بعيدا عن أي صواريخ الغدر الإسرائيلية.
الشهيدة أم العريس
وفي اليوم الثاني للعدوان الإسرائيلي، استهدف الاحتلال عائلة كاملة بمركبة، كانت المركبة مخصصة لزفاف أحد أفراد العائلة المنوي إقامته بعد ساعتين من لحظة وقوع الجريمة، ما أسفر عن استشهاد والدة العريس وإصابة كامل أفراد العائلة.
تناول العديد من النشطاء تلك القصة والتي بدأت بقصة "هنا غزة".. الشهيدة ام العريس نعامة ابو قايدة "أم وليد" كانت تربي ابنها وكل ما يراها أحد يدعو له "عقبال ما تفرحي فيه " وهي تتمتم بلسان منهك يا رب يا رب...
تفعل المستحيل لتفرح فيه وتستدين من هنا وهناك، تحرم على نفسها أمنياتها الخاصة لتجمع له "المهر" لترى ابنهاعريس، وبعد عناء خطبت له بنت الحلال...من يوم الخطوبة وهي تخطط مع ابنها للخروج بعرس واحتفال لم يسبق له مثيل ولكن قدر الله غالب...
فتأتي الأحداث، فترفض أن تقيم الأفراح احتراما لدماء الشهداء واتفقت مع اهل العروس على أخذها دون ضجيج، فتم الاتفاق وذهبت ولكن للعدو الجبان كالعادة سبقتهم آلة الغدر الإسرائيلية لتطلق طائرات الاحتلال صواريخها تجاههم وتحولت من أم عريس لشهيدة.
لم يعجبه أن تدخل السعادة والفرحة على هذه الأسرة كعادته مع باقي الأسر الفلسطينية، قام بقصف السيارة "الجيب" التي تنقل أهل العريس وهم في طريقهم لإدخال الامل والاستقرار لمنزلهم...
اغتال الاحتلال الإسرائيلي السرور والحياة في هذا البيت، حيث اغتال والدة العريس والتي تحمل الورد والحلوى بيدها ، تحمل في قلبها الفرحة وهي ترى ابنها عريس ، اغتالت طائرات الاحتلال تخيلها وهي تلاعب ابناء أبنها المنتظرين ... فقد تحول الفرح إلى بيت عزاء ، وانقلبوا المهنئين إلى معزيين ، كانت أكثر كلمة ستقال اليوم في هذا البيت "الف مبارك" ولكن بطش وعنجهية العدو جعلتها "أعظم الله أجركم"....
القابلة تزف ابنها الوحيد شهيداً
الدكتورة مروة حماد كتبت على صفحتها،"" هذه قصة أختى أم خليل حمادة" بدأت حديثها بالقول لا أعرف من أين أبدا ولكن ما أعرفه هو معاناة أختي أم الشهيد خليل أبو حمادة التي بدأت معاناتها من وهي عروسة ذات الـ16 عاماً وهي تحاول إنجاب طفل يحمل اسمها وإسم أبوه وبعد عدة محاولات زراعة طفل أنابيب أنعم الله عليها بخليل بعد إحدى عشر سنة زواج في 23/9/2003 .
وتتابع سردها بقولها "كانت فرحة منقوصة بسبب استشهاد والدتنا الشهيدة خضرة أبو حمادة في 10/6/2003 قبل ميلاد خليل بثلاثة أشهر كان الألم يعتصر قلبها لأن أمى لن ترى خليل في الوقت الذي كانت تعد الأيام لمولده..
عاشت نجوى أم الشهيد خليل أخذت على عاتقها تربيتنا هي أمنا الثانية وأختنا وصديقتنا والنفس الذي نتنفسه ثابرت سهرت الليالي درست بكالوريوس التمريض وهى بعمر الـ 40 وتوظفت "قابلة" قبل أسبوعين وربت خليل أحسن تربية وتعبت عليه حتى انتهى من الثانوية العامة وبدأت تجهيزاتها له من تجديد البيت وبناء شقة له وفرشها كي تشاهد خليل عريًسا يحمل اسمه واسم والده .
وأضافت كانت تردد :"نعم خليل اليوم عريس في التاسع عشر من عمره ولكن... وااااااأسفاه بدون عرس خليل أصبح شهيداً وأم خليل عادت وحيدة بلا خليل". ..
ورددت ترثي الشهيد... زفوا الشهيد وحنولوه.. كان بَدنا نجتمع بعرسك.. بس نحنا اجتمعنا ع نعشك.. وهيي بنفسا تلبس أبيض.. لحبيب قلبها اللي استشهد.. زفوا الشهيد.. اللي بفراقه الحِزن اكيد..انتهى عمره بيَوم العيد.. زفوا الشهيد.. ما النية كانِت عرس وفرحة.. زفوا الشهيد حتى لو كانت سودا الطرحة..
جرائم ضد الإنسانية
وجاء اليوم الثالث للعدوان، وفرق الإنقاذ طوال الليل وفجر اليوم وهي تحاول انتشال أشلاء وأحياء من تحت منزل دمره الاحتلال كاملا على رؤوس ساكنيه في منطقة الشعوث بمدينة رفح، كان بداخله نساء واطفال وشيوخ .
وحول جريمة قصف أحد المنازل برفح على رؤوس ساكنيه، قالت مديرية الدفاع المدني إن "الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جرائم ضد الإنسانية بحق أبناء شعبنا، وكانت مجزرة رفح التي راح ضحيتها سبعة من المواطنين بينهم سيدتان، وأصيب العشرات، عوضاً عن الدمار الكبير الذي لحق بثمانية مبانٍ سكنية".
وأفادت أن الاحتلال الإسرائيلي دمر عدة مبانٍ فوق رؤوس ساكنيها في جريمة حي الشعوت برفح، ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق والأعراف الإنسانية الدولية، وغير معتبر لوجود أبرياء من الأطفال والنساء والمسنين".
وقالت "الدفاع المدني" إن طواقمها تواصل القيام بواجبها، في ظل العدوان، "رغم قلة الإمكانيات التي لا ترتقي لحجم الدمار الكبير الذي يستهدف أبناء شعبنا في كل عدوان، خاصة مع استمرار الحصار الإسرائيلي منذ سنوات".
وأضافت أنها نفذت 71 مهمة منذ بدء العدوان، شملت مهام إطفاء وإنقاذ وإسعاف، لافتة إلى أن معظم الأحداث تركزت في محافظات غزة، وشمال غزة، ورفح.
ووفقا لآخر إحصائية لظهر اليوم الثالث، والتي أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، عن تحديث لإجمالي عدد الشهداء الذين ارتقوا منذ بدء العدوان "الاسرائيلي" على قطاع غزة، عصر الجمعة الماضية.
وقالت وزارة الصحة إن عدد الشهداء وصل إلى31 شهيداً منهم 6 اطفال و4 سيدات و265 إصابة بجراح مختلفة.