في الوقت الذي يتمتع فيه أطفال العالم بجل حقوقهم وحرياتهم، يقبع عشرات الأطفال الفلسطينيين خلف قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي، فطفولتهم لم تشفع لهم من البطش والقمع الذي يمارسه السجان بحقهم، ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية التي تتغنى بحقوق الطفل.
ولا تكتف قوات الاحتلال باعتقال الأطفال ومحاولة قتل براءتهم بكل عنف وعنجهية، فقد أخضعت الكثير منهم للضرب الشديد والتعذيب والتنكيل والإهانة بهدف دفعهم للاعتراف بمعلومات، وذنب لم يقترفوه خلال فترة استجوابهم والتحقيق معهم، من بينهم الطفل أحمد مناصرة الذي يتلاعب الاحتلال بمصيره.
طفولة معذبة
ويوجد في سجون الاحتلال العشرات من الأطفال دون سن 18، سعياً منه لبث الخوف والذعر في نفوسهم، وكسر إرادتهم ومقاومتهم وقتل مستقبلهم.
ووفق وزارة الأسرى بغزة، يبلغ عدد الأسرى الأطفال ما يقارب 170 طفلاً، ويتعرضون لكافة أشكال التعذيب والتنكيل النفسي والجسدي بدءًا من لحظة الاعتقال التي يتعرض فيها الطفل لتحقيق ميداني قاسٍ وإطلاق نار في بعض الحالات، مرورًا بمرحلة التحقيق التي تعتبر المرحلة الأخطر والتي يشاهد فيها الطفل عالما موحشًا يترك في مخيلته ذكريات قاسية يصعب عليه نسيانها.
وأكدت الوزارة أن أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الأطفال تتمثل في حرمانهم من التعليم من خلال احتجازهم لسنوات وأشهر طويلة، وكذلك حرمان بعضهم من زيارة ذويهم بحجة المنع الأمني، وتصاعد عمليات الاقتحام والتفتيش لغرفهم وأقسامهم.
انتهاكات متواصلة
وكيل وزارة الأسرى والمحررين بغزة بهاء الدين المدهون وجه رسالة عاجلة لعدد من المؤسسات الدولية التي تعنى بشؤون الأطفال في ذكرى اليوم العالمي للطفل.
وتطرق المدهون في رسالته لجملة من الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الأطفال منذ لحظة اعتقالهم والتنكيل بهم وتعريضهم لتعذيب نفسي وجسدي وحتى إصدار الأحكام الجائرة بحقهم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية كالحق في التعليم، وتلقي الرعاية الصحية اللازمة، وزيارة الأهالي.
وشدد المدهون في رسالته على ضرورة التحرك بشكل عاجل على المستوى الدولي لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق أطفال فلسطين، وعلى رأسهم الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال، وإلزام الاحتلال بما نصت عليه الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الأطفال، ومدى قانونية احتجازهم واعتقالهم.
وحتى اللحظة، يتلاعب الاحتلال بمصير الطفل الأسير أحمد مناصرة من خلال استمرار عزله الانفرادي، الأمر الذي يعتبر دليل واضح على عقلية الاحتلال العنصرية والإرهاب في التعامل مع الأسرى.
استهداف ممنهج
من جهته يقول مدير الاعلام في وزارة الأسرى والمحررين بغزة، اسلام عبده:" إن استهداف الأطفال مدروس ومخطط وممنهج له من قبل الاحتلال الاسرائيلي وليس عشوائي، وقد ازداد الاعتقال عقب اندلاع انتفاضة القدس، حيث بات الأطفال في مقدمة الاستهداف المباشر من قبل الجنود ".
ويؤكد عبده في حديث لـ"الرأي"، أن الأطفال المعتقلين في سجون الاحتلال يعيشون ظروف مأساوية صعبة للغاية في ظل عمليات التعذيب والتنكيل التي يتعرضون لها على أيدي سجانيهم، في محاولة لردعهم وتخويفهم لمنعهم من القيام بأي نشاط هنا أو هناك.
وبحسب ما ذكره، فإن اعتقال الأطفال والتعذيب والتنكيل والاعتداءات المتواصلة بحقهم تتسبب في ظروف نفسية قاهرة، حيث تزرع بالطفل حالة سيئة تجعله إما انطوائي أو عدواني، ويفقد ثقته بالآخرين وبالمجتمع ككل.
ويضيف:" إن الاعتقال يتم من داخل المنزل أو من خلال الشارع والطريق، حيث يكون الطفل ذاهب إلى مدرسته، أو يتم الاعتقال في ساعات الليل المتأخرة"، موضحاً أن الطفل يتعرض للتعذيب والتنكيل مثل معاملة الأسرى الكبار.
ويعاني الأطفال الأسرى في السجون والمعتقلات من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، حيث يتعرضون لما يتعرض له الكبار من قسوة التعذيب والمحاكمات الجائرة، والمعاملة غير الإنسانية، التي تنتهك حقوقهم الأساسية وتهدد مستقبلهم بالضياع، بما يخالف قواعد القانون الدولي واتفاقية الطفل.