لأول مرة على مستوى الوطن، عقد مركز مرصد للأبحاث والدراسات بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم المؤتمر العلمي الأول، والذي حمل عنوان "التعليم العالي في فلسطين تحديات وتطلعات"، وجمع المؤتمر أبرز الدراسات البحثية التي تدور حول مخرجات وتوصيات العنوان الذي يحمله المؤتمر.
وافتتح وزير التربية والتعليم الأسبق ناصر الشاعر كلمته بالمؤتمر بتحية المؤتمرين والثناء على حرصهم على الحياة ما استطاعوا إليها سبيلًا رغم المؤامرات، مؤكداً على أنّ المؤتمر العلمي خير شاهد على التميز والإبداع للتعرف على واقع التعليم العالي، والذي يمثل عصب الحضارة وأساس التقدم للأمم والمجتمعات.
ودعا الشعار لإدارة حوارات معمقة حقيقية حول الواقع العلمي ومؤسساته العلمية كما هو دون تزيين أو إخفاء للعيوب، مؤكدًا على الحاجة الماسة إلى المزج بين الاهتمامات العلمية المختلفة والأكاديمية بمعادلة ناجحة.
بينما تحدث الوكيل المساعد في التعليم العالي إبراهيم القدرة خلال المؤتمر العلمي، وقال إن الفلسطينيون شقوا طريق البحث العلمي والتعليم العالي كسبيل لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى إجمالي عدد الطلبة الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي ما يزيد عن 100 الف طالب وطالبة على مستوى الوطن.
وأكد القدرة على أن التعليم في فلسطيني يحتاج الى الرقابة على الأبحاث العلمية ورسائل الماجستير وزيادة فرص الاقبال على التعليم المهني والتقني في غزة مع وضع خطة جاهزة لفك الشهادات المحتجزة لدى الجامعات.
من جانبه أشار رئيس اللجنة العلمية محمد عسقول، خلال الجلسة الافتتاحية، إلى الإقبال الكبير من الباحثين للمشاركة في المؤتمر العلمي وهو ما عكسه حجم المشاركة الفاعلة للأبحاث العلمية، حيث وصلت لجنة المؤتمر 90 ورقة علمية.
وأوضح عسقول أنهم قبلوا 40 ورقة، بما يتوافق مع مبادئ المؤتمر، ثم عرضوا للتحكيم العلمي، إلى أن خلص القبول لـ20 ورقة علمية من إجمالي الأوراق العلمية 90 ورقة.
بدورها ذكرت رئيس المؤتمر جميلة الشنطي، أنّ قطاع غزة مليء بالتحدياتِ والصعاب، موضحة أنّ القطاع يضم ثماني جامعات، وخمسة عشر كليةً ومعهدًا، يقدمون انسجامًا متحدًا، وتعاونًا مستمرًا، وتفاعلاً حيويًا.
ولفتت الشنطي إلى الأزمة المالية التي تعاني منها أكثر الجامعات الفلسطينية، إلى جانب المعاناة من التنسيقٌ بين مخرجات الجامعات وحاجات السوق المحلي، والحاجات الاقتصادية عامةً، لاسيما من أجلِ توفيرِ فرص عمل، إضافةً إلى ضعف ربط نتائج البحث العلميّ بمؤسساتِ الإنتاج.
وأضافت، "غزة تعتمد في قطاع التعليم العالي على المساعدات الخارجية، ونعاني من المركزيةُ في اتخاذ القرارات، ونواجه واقعًا يسيطر عليه الروتين الإداريِّ الذي يقتلُ روحَ العمل".
وشددت الشنطي على الحاجة الضرورية لربط القطاع التعليميِ بالاقتصادِ الوطني، وتوفيرِ الإمكانات اللازمة؛ لتفعيل البحث العلمي؛ كي يأخذَ دورَه في عملية البناء.
وتابعت "نحن بحاجة إلى تعزيز تطبيقِ قوانين التعليمِ العالي؛ لضبط الأوضاع الأكاديمية والإدارية والمالية في الكليات والجامعات.
وأوصت الشنطي الجامعات، بضرورةُ تطبيق معاييرِ الجودة، ومواكبة تحديثات التكنولوجيا، وتأملت أن يخرج هذا المؤتمر برؤى تَرقَى إلى التحسين والتجويد والمعالجة الحقيقية، لمجالس الجامعات، علَّها تفتح لهم نافذة؛ للارتقاءِ بمؤسساتهم.
بنوك التفكير
من جهته كان لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، كلمة قال فيها أنّ المجتمعات الواقعة تحت الاحتلال والطامحة نحو الاستقلال هي أحوج ما تكون للتعليم، داعياً إلى تعزيز الثقافة الأصيلة والاستثمار في التعليم والبحث العلمي للانعتاق من الاحتلال، الذي يسعى إلى تجهيل الشعوب وربطها بثقافة المحتل.
وأكد هنية أن تطوير التعليم العالي والبحث العلمي من أولوياتنا الاستراتيجية، لتلبية الاحتياجات الوطنية، فهو يتيح بناء القدرات المحلية ويفتح المجال لجميع أبناء الشعب الفلسطيني للمشاركة في علمية البناء والتحرير.
ولفت إلى أنّ العدد الكبير من الطلبة الملتحقين بالتعليم العالي، يدل على حيوية الشعب الفلسطيني والأمانة الكبيرة التي تقع على الأستاذة والمدرسين، مبينًا أنّ الاستقلال والحرية مرهونان بأشكال مختلفة من القوة الناعمة والخشنة.
وقال هنية:" إنّ الممر الإجباري لامتلاك قوة قادرة على إيلام العدو، هو امتلاك المعرفة وتوسيع دائرة البحث العلمي، وهذا يقع بشكل أساس على القائمين على المؤتمر العلمي الذين يهيئون أبنائنا في الانخراط في المسارات التي لها إسهام مباشر في حماية المشروع الوطني كاملًا غير منقوص، وفي مقدمته القدس وحق العودة وتحرير الإنسان".
وشدد على أنّ استثمار العقول وإعادة إنتاج المعرفة، هو أحد الأهداف المرجوة التي يجب أن نسعى إليها جميعًا، مؤكدًا أنّ مراكز الأبحاث أصبحت بنوك التفكير للدول المتقدمة وأصبح روادها هم من يرسمون السياسات العامة.
وأكد أنّ باب قيادة الحركة مفتوح لأي بحث أو رؤية تساهم في تطوير الأداء أو حل المشكلات، مشيراً إلى أنه يقع على عاتقنا جميعًا تطوير العلوم والتقنيات ومواكبة التطورات، وإعطاء فرصة أكبر للجامعات من أجل المشاركة في القرار، وعلى كل المستويات.
ويأتي المؤتمر العلمي الأول في إطار تعزيز ثقافة البحث العلمي وتعزيز ظاهرة الالتحاق بالدراسات العليا، فيما يبحث في التحديات وآليات معالجتها ضمن توسيع دوائر البحث المبني على أدوات علمية وتوسيع دوائر المعرفة الثقافية العلمية.
تصوير: عطية درويش