على جدران المدرسة المخصصة لطلبة المدراس اللاجئين عام 48، رُسمَ وجه طفل صغير ومفتاح تكبر يدُ الطفل مرات وأرضٌ خضراء بعيدة!، اللوحة الكبيرة على الجدار حملت رسالة مفادها أن الأجيال المقبلة هي صاحبة المهمة في العودة إلى مدن وبلدات فلسطين المحتلة، في طريقة لترسيخ الحق والعمل على إحيائه بمناسبة وبدون مناسبة.
هذه المرة كانت الجدارية واجهة في استقبال نازحين أطفال بعائلاتهم، لتتحول المدرسة بأكملها إلى مقر نزوح جديد، والفصول الدراسية ما هي إلا غرف صغيرة مقسمة من الداخل لأكثر من عائلة، في محاولة لاستيعاب أكبر عدد ممكن من العائلات الناجية من الحرب الغادرة.
في الوقت الذي يتحضر فيه العالم لأكبر ثورة تكنولوجية متطورة عام 2021، تعود فيه غزة لمشاهد اللجوء من جديد، في محاولة الاحتلال لتنفيذ هجمات إبادة جماعية للعائلات بأكملها، ومحوه لمعالم الحضارة والتقدم في قطاع غزة وسياسته المتعمدة في اتباع نهج التطهير العرقي وإعادة القطاع بكافة قطاعته إلى نقطة الصفر _كما يعتقد الاحتلال_.
خمسون ألفاً _بحسب التقرير الأممي_ من العائلات دفع بهم العدوان الإسرائيلي للجوء إلى المدراس التي تديرها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، والتي لا تصلح لممارسة الحياة الطبيعية واليومية للعائلات، فهي غير مخصصة للحياة بقدر ما هي مخصصة للتدريس لساعات معدودة فقط.
أما النازحين الذين هدمت بيوتهم فيشكون عدم صلاحية مراكز الإيواء في تلك المدارس للسكن، ومن عدم وجود مياه صالحة للشرب، وأنهم لم يحصلوا على أي مساعدات أو خدمات من وكالة الأونروا حيث لا توجد أي مساعدات للنازحين إلى المدارس حتى اليوم الحادي عشر من الحرب على قطاع غزة.
أكثر من أربعين مدرسة تديرها وكالة الغوث فتحت أبوابها في وجه العائلات المدمرة بيوتهم، والمهددين بالتدمير في المناطق الشمالية لقطاع غزة، وفي المناطق الشرقية كذلك، لكن الأمان من الاستهداف الصهيوني لا يؤتمن في أي بقعة من قطاع غزة الذي حوله الاحتلال إلى مرمى كبير لبنك أهدافه الذي امتلأ بالأطفال الشهداء والنساء وكبار السن.
محاولات!
وفي سبيل نقل الأطفال من الأجواء المتوترة وتجاوز خوفهم من الغارات الحربية "الاسرائيلية" التي تصم آذانهم دون توقف، فقد قرر بعض المتطوعون في السلك الفني من تقديم عروض فنية ترسم الفرح على وجه الأطفال العابسين والمشردين من بيوتهم التي كانت آمنة!.
يتسابق الأطفال في مدرسة اللاجئين نحو الفنان محمد العطار والذي بدأ بالرسم والتلوين على وجوه الأطفال-، هذه الأجواء كانت عارمة بالفرح للأطفال وذويهم المحرومين من مناسبات العيد الذي حل ورحل بصمت، لكنها لحظات مؤقتة جداً، فما أن بدأ الأطفال يهللون ويمرحون على أصوات الأناشيد الفلسطينية حتى أفجعتهم الطائرات الحربية بغارة غادرة قريبة من لجوئهم فرقتهم إلى غرف الصفوف الموزعة على أطراف المدرسة.
لكن الأطفال يدخلون في دائرة التحدي كما الكبار، لا يفزعهم المحتل إلى قليلاً، يعودوا من جديد وبعزيمة أقوى من سابقتها، ليمرحوا ويتبادلون الضحك من جديد في ساحة المدرسة التي تتسع للمئات منهم.
واستشهد حتى اللحظة أكثر من 230 فلسطينياً نصفهم من الأطفال والنساء، والنصف الآخر هو من المدنيين وكبار السن، في حين أصيب نحو 1200 فلسطيني بجراح مختلفة؛ في عدوان صهيوني لا يزال متواصلاً لليوم الحادي عشر على التوالي، ويصفه الفلسطينيون في القطاع بأنّه الأشرس والأبشع حيث يستهدف بالدرجة الأولى البيوت السكنية الآمنة، والمؤسسات الأهلية وحتى الدولية دون تمييز.