دولة في أسر حماس
معاريف - بقلم: ياعيل باز ميلمد
(المضمون: والشعب وزعماؤه يرون المشاهد، يسمعون الاصوات ويواصلون التمسك بالمفهوم القديم وغير الجيد في أنه فقط بواسطة القوة سيكون ممكنا أن نقطع مرة واحدة والى الابد هذه الدائرة الفظيعة).
مع نهاية وجبة الغداء اقفهر فجأة وجهه. "لا شهية لي ولا قوة لدي للعودة الى البيت. مجرد التفكير بالعود الى المكان الذي احبه جدا، والى البيت الذي نرعاه منذ سنين، تدخلني هذه الايام، مثلما هو الحال دوما في اثناء انعدام الهدوء على الحدود مع غزة، الى اكتئاب حقيقي". هو رجل لطيف على نحو رائع، مرتاح المزاج، بحس دعابة يوقع سامعيه من الضحك. ولكنه يسكن في احدى البلدات المجاورة للحدود، وبعد نحو عشر سنوات من صواريخ القسام يشعر بان قواه استنزفت. وهكذا ايضا قوى باقي ابناء عائلته.
"هذا لا يعني أنه لا يمكن العيش هكذا"، يشرح قائلا. "يمكن. والدليل هو اننا نعيش. ولكن اذا فكرنا في ذلك، يصعب ان نسمي هذه حياة".
بجمل قليلة، تبث أكثر من اي شيء آخر اليأس، وصف رفيقنا جذر المشكلة لمئات الاف الاسرائيليين الذين يسكنون في مدى نار حماس، وفضلا عن ذلك جذر مشكلة السلوك الاسرائيلي حيال هذه المشكلة الحرجة. اسرائيل لا تدير شيئا. سياستنا هي كلها ثمرة مصالح حماس. بارادتهم تسخن الحدود وسكان "الغلاف" يعرفون بان بانتظارهم اسبوعا أو اسبوعين من صافرات الانذار والركض السريع للاحتماء في ملجأ.
الدائرة السحرية تنفتح بشكل عام لعملية ما لحماس. احيانا تكون هذه خلية تطلق لتنفيذ عملية انتحارية في اسرائيل، القبض عليها وقتل رجالها يجلبان نار القسام والغراد، والتي تؤدي الى غارات سلاح الجو وتدفق القوات نحو الحدود، مما يؤدي الى نار أكثر كثافة من الطرف الاخر، مما يؤدي الى رد فع اكثر حدة من جهتنا، الى ان تنتهي الجولة كيفما اتفق. كل جهة تعلن بانها هي التي هزمت الجهة الاخرى، وكل شيء يتكرر. اسرائيل الكبرى، القوة العظمى على مستوى الشرق الاوسط تدار عسكريا بموجب قرارات حماس من غزة. هم الذين يقررون ما سيكون، وبأي قوة، ومتى ينتهي هذا.
والشعب وزعماؤه، ولا سيما زعماؤه، يرون المشاهد، يسمعون الاصوات ويواصلون التمسك بالمفهوم القديم وغير الجيد في أنه فقط بواسطة القوة سيكون ممكنا أن نقطع مرة واحدة والى الابد هذه الدائرة الفظيعة. وما لا ينجح بالقوة سينجح بقوة أكبر، الى أن يرفع الطرف الاخر العلم الابيض ويقول بالفم المليء: نحن نستسلم. هذه مسألة وقت فقط، وهذا سيحصل. آه، وكذا "قبة حديدية" هي جزء من المعادلة. والان يمكننا بسهولة شديدة ان نستخدم قدرا أكبر من القوة. فنحن أكثر تحصينا.
أحد من الاشخاص الذين يديرون حياتنا، وفي هذه الحالة أساسا حياة اولئك "المحاصرين" من غلاف غزة، لا يطرح امكانية أن لعل قدرا أقل من القوة وقدرا أكثر من الفهم والسير نحو حماس هي الامور التي ستجعل حياة رفاقنا اكثر قابلية على أن تطاق. لعلنا اذا أعطينا قيادة حماس بعض الامور التي يريدونها جدا، مثل رفع الاغلاق وفتح مضبوط للمعابر، يعطي حافزا اقتصاديا لتنمية القطاع، لعل بالذات هذه الخطوات ستخلق دينامية اخرى. بل ربما ستؤدي الى محادثات سياسية، في اعقابها هدنة طويلة السنين.
في هذه الحرب لا يمكن الانتصار عسكريا. حان الوقت لان نتعلم هذه الحقيقة. ولكن بدلا من التفكير قليلا من خارج العلبة، يوجد غير قليل ممن يقترحون العودة الى اعماق العلبة واعادة احتلال اجزاء من القطاع. لا ريب ان الجيش الاسرائيلي يمكنه ان يحتل دون مشاكل محور فيلادلفيا مثلا. وماذا بعد ذلك؟ ماذا يغير هذا. المهم اننا انتصرنا واحتللنا.